الجمعة، 11 مايو 2018

*ذكرياتي *للشاعر المتالق **زكريا الاحمد*

ذكرياتي .. ،

    (برميلٌ يسقطُ على قريتي مُحمّلٌ بالطحين )

 الزمان : ( الظهيرة عام 2014 ) ، المكان( قريتي) 

     بعضُ أطفالِ القريةِ يلعبون في ساحة القرية ،
 و بعض أهل القرية في الحقول ، و بعضهم الآخر في القرية .
 هديرُ طائرةٍ مروحيةٍ قادمةٌ من الجنوب ، يعزفُ هديرُها لحنَ الموت والحياة ، تمشي في سماء القرية ببطءٍ شديدٍ ،لربما أعجب طيارُها طُرُقاتِها وشوارعَها  وساحتها .. ،
لربّما أحسَّ الطيّار أن هذه الطرقاتِ والبيوتِ تشبه إلى حدٍ ما ملامحَ قريته ! ، فأراد أن يمتّع عينيه بالبيوت التي تذكره ببيوت قريته ،فجعل يدور بها دورةً دائريةً  ليتأمّلَ أكثر .
   اشعلت فيه الذكرياتُ لقريتِه التي لم يشاهدْها منذ شهور حنينا وهيجاناً من الشوقِ إليها .
 يلمحُ طفلٌ من أطفال القريةِ الطائرةَ ويصرخُ فرحاً : هذه طائرة مروحية ، انظروا إليها ، وهو يشعر بالفرح لأنّه أوّل طفلٍ شاهدها ، ويقول لأصدقائه بفخر : أنا من رأيتُها أولا .
لحظةُ صمتٍ ارتابَتْ شيخاً كبيراً يمشي ببطء .
صوتُ الدراجاتِ الناريةِ أصبحَ أكثرَ ضجيجا ،
بلغتِ القلوب الحناجر .
لعلّ الذي كان على أطرافِ القريةِ كانَ أقل خوفاً ممن كان داخلها .
   شيءٌ ما يشبه نقطة سوداء يسقط ، لربّما أوراقٌ ومناشيرُ تهنّئُ أهلَ القريةِ بلا شيء .
صوتٌ قويٌّ يُصاحبُ سقوطَ شيءٍ من الطائرة ،
 تكبرُ هذهِ النقطةُ السوداءُ لتصبحَ بحجمِ برميلٍ !؟،
لربّما يحملُ في داخله هدايا للأطفال ،
  أو ربّما يحمل طحينا ، فأهلُ القرية محتاجون للطحين .
  من المؤكد أنّهُ يحملُ الطحين والفرح .
في لحظةِ ترقّبٍ يصلُ البرميلُ بسلامٍ إلى الارض ، فيصرخُ وينثرُ الطحينَ الذي بداخله ، وتصرخُ معهُ واجهاتُ دكاكين القريةِ وترقصُ مع الصراخِ رقصة الوداع .
 فيهرع أهل القرية الى مكان الطحين ، فيجدوا طفلا وشابّين وشاباً آخرَ من خارج القرية ، وجدوهم قد طُحِنوا وعُجِنوا وأحرقَهم لهيبُ النارِ الذي أُوقِدَ للعجين كي يصبحَ خبزاً معجوناً بالدم تأكلهُ " ولاويل " الأُمّهات والنساء .
ستُنشِد الأيامُ والساعاتُ والمقابر نشيدِ الجوعِ ،
نشيد الخلود .
 لاتخفْ يابنيّ قد كُفينا كفافَنا هذا اليوم ، لاتحزن ، بل افرح ، بل افرحوا افرحوا ..،
افرحوا أهلَ قريتي إنَّه موسمُ الطحينِ قد بدأ 
....................................................................
            من ذكرياتي : بقلم زكريا الاحمد ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق